الصحراء 24 : العيـــون
في خضم التحولات التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، والتي تشير أغلب المؤشرات إلى اقتراب طي صفحتها نهائيا في ضوء الدعم المتزايد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، تتجه الأنظار نحو المرحلة المقبلة من التنزيل المؤسسي لهذه المبادرة، التي تمثل خيارًا واقعيًا لإنهاء النزاع المفتعل.
وفي هذا السياق، تبرز تساؤلات حيوية حول المعالم الأولى للهيكل المؤسساتي لهذا الحكم الذاتي، وخاصة مقر البرلمان الجهوي المرتقب الذي قد يشكل منصة تشريعية تمثل إرادة ساكنة الأقاليم الجنوبية.
كشف أن مقر مجلس جهة العيون الساقية الحمراء يعتبر من أبرز المرشحين لاحتضان هذا البرلمان، بالنظر إلى رمزيته، وموقعه الاستراتيجي على شارع محج محمد السادس، وتصميمه المعماري الذي يحاكي إلى حد بعيد مقر البرلمان الوطني بالرباط.
ولا يقتصر الأمر على الشكل فقط، بل يمتد إلى البنية الداخلية للمقر، الذي يتوفر على قاعة اجتماعات دائرية عصرية، قادرة على استيعاب تمثيلية موسعة تضم ممثلي الساكنة الصحراوية، إلى جانب منتخبين عن الجماعات الترابية، والغرف المهنية، والنقابات، والمأجورين، إضافة إلى ممثلي الشباب، والنساء، ومؤسسة شيوخ القبائل.
ويكتسي هذا التوجه طابعًا استشرافيًا ومؤسساتيًا يستلهم التجربة البرلمانية المغربية، كما يسعى في الآن ذاته إلى إغراء ساكنة مخيمات تندوف، من خلال تقديم نموذج ديمقراطي جهوي، يجمع بين المشروعية الانتخابية والشمولية التمثيلية.
ويرتقب أن يكون لمدينة العيون الدور السياسي والتشريعي الأبرز، فيما تُرشح مدينة الداخلة لأن تضطلع بالمركز الاقتصادي للمبادرة، في إطار رؤية تنموية شاملة تعتمد المقاربة الأطلسية والمينائية، وتكرّس دور الصحراء كمحور اقتصادي إفريقي.
كما لم يستبعد المصدر ذاته إمكانية أن يحظى البرلمان الجهوي الصحراوي بخطاب ملكي سنوي عند افتتاحه، على غرار افتتاح البرلمان الوطني، ما سيمنحه رمزية سيادية كبرى تعزز إشعاعه الجهوي والدولي.