دعم عمومي على المقاس: شروط مجحفة تُقصي المقاولات الإعلامية الصغرى وتكرّس الريع المؤسساتي

الصحراء 24 : العيــــــون

أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع التواصل – عن فتح باب استقبال طلبات الدعم العمومي لفائدة مؤسسات الصحافة والنشر وشركات الطباعة والتوزيع برسم سنة 2025، وذلك خلال الفترة الممتدة من 14 ماي إلى 26 يونيو المقبل.

ويأتي هذا الإجراء، وفق بلاغ رسمي صادر عن الوزارة، استناداً إلى المرسوم رقم 2.23.1041 والقرار الوزاري رقم 3195.24 المؤرخ في 19 دجنبر 2024.

ورغم الإطار القانوني الذي يسند هذا الإعلان، إلا أن الشروط المفروضة، سواء على مستوى حجم الوثائق أو المتطلبات التقنية واللوجستيكية، تُثير تساؤلات عميقة حول مدى إنصافه لمختلف مكونات المشهد الإعلامي، خاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة العاملة في المجال الرقمي أو المحلي.

القرار الوزاري الجديد يشترط على المتقدمين ملفات ثقيلة تتضمن محاسبة تحليلية مصادق عليها، قاعدة بيانات مفصلة للزوار، إثباتات إنتاج تتجاوز المليون نسخة سنوياً، وفواتير تشغيل دقيقة، ما يُقصي فعليًا المؤسسات الناشئة من الاستفادة من الدعم، ويضعف فرص إدماجها في النسيج الإعلامي الوطني.

كما أن المدة الزمنية المخصصة لإعداد الملفات، والتي لا تتجاوز ستة أسابيع، تُعد غير كافية بالنظر إلى تعقيد الشروط، في ظل غياب أي إجراءات مواكبة أو آليات دعم فني وتقني للمؤسسات الصغيرة.

وتشير تقارير مهنية صادرة عن نقابات وجمعيات ناشري الصحف إلى استمرار ما وصفوه بـ”التمييز البنيوي” في منح الدعم، حيث تستفيد المؤسسات الكبرى التي تمتلك هيكلاً إدارياً قوياً من الحصة الأكبر، بينما تظل مؤسسات الإعلام الجهوي والرقمي على هامش العملية، رغم مساهمتها الحيوية في تغطية قضايا القرب وتعزيز التعددية.

ومن المثير للقلق أيضاً، أن البلاغ الوزاري لا يتضمن أية إشارة إلى آليات تقييم الملفات، أو مكونات اللجنة المكلفة، ولا الضمانات المتعلقة بنزاهة وشفافية العملية. ويأتي هذا الغموض في سياق تُثار فيه شبهات متكررة حول معايير التوزيع، في ظل غياب تقارير مفصلة أو تدقيق من مؤسسات الرقابة مثل المجلس الأعلى للحسابات.

في وقت يشهد فيه القطاع أزمة متعددة الأبعاد، من تراجع في حرية الصحافة، إلى هشاشة أوضاع العاملين، وأزمة موارد، يبقى هذا الدعم – بصيغته الحالية – بعيداً عن كونه آلية إصلاح، ليُنظر إليه كأداة “تقنوية” لحماية توازنات قائمة، أكثر منه استثمارًا حقيقياً في مستقبل الإعلام.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد