أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس صباح اليوم الأربعاء ،استشهاد رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية وقالت الحركة، في بيان رسمي، إن الاغتيال جاء على إثر “غارة صهيونية غادرة” على مقر إقامته في طهران، بعد مشاركته أمس الثلاثاء في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
لم يكن هذا الاغتيال أمرا طارئا ومستحدثا في السياسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، بل له إرث طويل وجذور ضاربة في العقلية الإسرائيلية، فاستهدف سابقا قادة حماس ، كاغتيال الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وأحمد الجعبري وصالح العاروري ومحمد الزواري وغيرهم، ومحاولتهم المتكررة لاستهداف واغتيال محمد الضيف. كما طالت هذه الاغتيالات من تعتبرهم إسرائيل خطرا على أمنها، في مناطق جغرافية وأزمنة مختلفة، منذ نشأتها وحتى اليوم.
لكن تحليلا أكثر عمقا للأفكار والمبادئ التي يتحرك جيش الاحتلال وفقا لها بدعم من المجتمع الإسرائيلي، سيشير إلى أن هذه الممارسات تأتي بوصفها جزءا من إستراتيجية أوسع، تنظر للقادة، كما تنظر لمن هم أدنى منهم في “سلم الترتيب الاجتماعي” بوصفهم عبئا مستمرا على الاحتلال، وأنهم تذكير ممتد لـ”الخطيئة” التي خلّفوها بعد حرب النكبة واحتلال فلسطين عام 1948، أي بإبقاء بعض الفلسطينيين على ما تبقى من الأرض.
فالمقاطع المرئية التي انتشرت خلال الحرب الدائرة اليوم، من استهداف لمدنيين بشكل مباشر، والتي استخدمت في إدانة إسرائيل في محكمة العدل الدولية ، تتشابه من حيث طريقتها وأسلوبها وتعمدها في اغتيال القادة. وعلى الرغم من أن تأثيرات اغتيال القادة أكبر، فإن الممارسات الإسرائيلية الممتدة على مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني تطرح سؤالا جديا حول الفوارق التي يشرعن عبرها جيش الاحتلال استهدافه لشخصية سياسية وعسكرية، في ظل استدعاء قادة جيش الاحتلال نصوصا ترد فيها مفاهيم الإبادة الجماعية التي لا تفرق بين قائد وفرد كما سيأتي لاحقا في التقرير.
فاغتيال هنية، وكما أنه يأتي في ظرف سياسي وعسكري معقد، يشن فيه جيش الاحتلال حرب إبادة على قطاع غزة لما يقرب من 10 أشهر، فإنه يؤدي وظيفة دعائية للداخل الإسرائيلي القائم على إبادة المعادين لهم، وعلى قدرتهم أيضا لإثبات “يدهم الطولى” القادرة على الوصول لأي مكان كما ذكر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أكثر من مرة في ظل ما أسماه خبراء بانهيار جدار الردع الإسرائيلي إقليميا.