الصحراء 24 : بقلم / محمد الداودي
ما في ذالك شك أن إفتتاح المركب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط جاء في سياق يثبت قدرة المغرب على الوفاء بإلتزاماته على مستوى إعداد ألبنية التحتية في أفق تنظيم كأس أمم أفريقيا وكأس العالم في كرة القدم مناصفة مع دول إسبانيا والبرتغال
ولعل ألجميل في هذا ألإفتتاح هي تلك ألإلتفاتة المعبرة وألجميلة التي توجه فيها صاحب السمو الملكي مولاي ألحسن بألتحية للعمال ألذين عبروا بدورهم عن تفاعل صادق مع ولي العهد ألذي عبر من خلال حرصه على ألتصفيق لليد العاملة المغربية ألتي بمقدورها صنع المعجزات بقوة الآرادة وروح التضحية الوطنية
ألرياضة اليوم لم تعد فقط مجال لصناعة ألفرجة ولم تعد تندرج في إطار برامج ألوقت ألثالث بل تحولت على المستوى ألسياسي إلى نوع من ألدبلوماسية الناعمة تعزز أدوار ألدبلوماسية ألرسمية للدولة
وعلى ألمستوى ألإقتصادي والإجتماعي أضحت الرياضة اليوم تساهم في خلق فرص ألشغل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وتحول مجالها الى علم قائم بذاته بات يدرس كمجال إختصاص وهو مجال ألإقتصاد الرياضي ألذي أصبح يعرف إقبالا متزايدا من طرف ألطلبة بالمعاهد والجامعات ألمختصة
لكن هناك أسئلة مرتبطة بالرياضة لابد من إجاد أجوبة عليها حتى لانسقط في إختزال الرياضة ككل في صنف كرة القدم وهنا لابد من العودة شيئا ما الى ألوراء أو بمعنى أدق فإننا لن نغوص كثيرا في الماضي بتفاصيل وأحداث ستظل راسخة في ألاذهان من قبيل مثلا إستقبال المرحوم الحسن الثاني منتصف الثمانينات للبطلين عويطة ونوال المتوكل حينها إعتبر الحسن الثاني إنجاز البطلين بدورة الألعاب الاؤلمبية لوس أنجلس حدث يتجاوز ألإنجاز ألرياضي بل تعداه ليجعل منه آلية عالمية ساهمت في ألتعريف بدولة ألمغرب على المستوى العالمي في توقيت قياسي تجاوز ألتوقيت الذي حققه البطل سعيد عويطة على مضمار السباق.
في نفس السياق ألتاريخي أيضا يجب أن نعرف أن المغرب منذ سنة 1960 الى حدود أخر دورة ألمبية بباريس لم تتجاوز خزينتنا من الألقاب ألآؤلمبية الخمس وعشرون ميدالية فقط منها
8 ميداليات ذهبية
5 ميداليات فضية
12 ميدالية نحاسية
بحيث أن غالبية هذه الميداليات ألآؤلمبية تعود لصنف ألعاب القوى ألتي للأسف تعرف تراجعا مخيفا في السنوات ألاخيرة
نصل لسنة 2008 وعلى عهد وزيرة ألشباب والرياضة وقتها ألبطلة نوال المتوكل نظم المغرب مناظرة وطنية حول ألرياضة هي الثانية من نوعها منذ ألآستقلال وخصصت الوزارة المعنية لهذه ألمناظرة وسائل مادية ولوجستيكية هامة بحيث أنه تم تنظيم ندوات على المستوى الجهوي بشكل مسبق من أجل مناقشة الخصوصية المجالية لكل جهة من جهات المغرب ثم جاء عقد المناظرة الوطنية حول الرياضة بمدينة الصخيرات يومي 24 – 25 أكتوبر 2008 وتميزت بتلاوة رسالة ملكية صدمت الجميع من خلال تشريحها للواقع الحقيقي لمجال التدبير في المجال الرياضي الذي ضل سائدا لسنوات طوال
رسالة جلالة الملك محمد ألسادس لتلك المناظرة لخصت الواقع الذي تعيشه الرياضة الوطنية من خلال غياب الحكامة الجيدة في تدبير الجامعات الرياضية غياب الديمقراطية الداخلية في إنتخاب ألاجهزة المسيرة للمؤسسات التدبيرية للرياضة إستغلال المجال الرياضي لغايات شخصية ……..
تمخظت ألمناظرة الوطنية ألثانية حول ألرياضة عن توصيات جد هامة ظل جزء كبير منها حبيس رفوف القطاع الوصي ولعل أبرز ما تحقق عنها هو تحيين القانون ألمنظم للرياضة بالمغرب الحامل لترقيم 30,09 ألذي جاء بمجموعة من المقتضيات الهامة من بينها تحديد نظام موحد نموذجي للجامعات والجمعيات الرياضية بألاضافة الى التنصيص على وثيقة ألاعتماد كشرط ضمن الشروط القانونية الملزمة للجمعيات الرياضية ووثيقة التأهيل الممنوحة من طرف الوزارة الوصية بالنسبة للجامعات الرياضية ,
نفس القانون أيضا نص على إلزامية تمثيل العنصر النسوي داخل المكاتب المسيرة للأندية والجامعات الرياضية كما حدد عدد تولي رئاسة الجامعات الرياضية في ولايتين فقط من أجل إفساح المجال للتداول الديمقراطي داخل المنظومة ألرياضية بصفة عامة ,
لكن الانتكاسة تربصت بهذا ألآمل ألذي لاح في أفق سماء ألرياضة ككل ونتج عنه ما بات قائما اليوم بالمشهد العام للرياضة الوطنية ألتي تم إختزالها فقط في صنف كرة القدم ألتي يمكن لنا القول أن تدبيرها المؤسساتي جعلها تتربع على عرش الرياضة الوطنية من خلال إعتماد من يسيرون دواليب جامعتها لما جاء في رسالة الملك للمناضرة الوطنية الثانية حول الرياضة ومن خلال أيضا إستثمار الزخم الشعبي المساند للفرق الوطنية لكرة القدم خصوصا بعد إنجاز كأس العالم بقطر وما تلاه من قرار إسناد تنظيم بلادنا لكأس افريقيا للأمم وكأس العالم 2030 بشراكة مع كل من دول إسبابنيا وألبرتغال .
أصناف رياضية أخرى لا سيما منها الرياضات الفردية والدفاعية والتي من الممكن جدا أن تشكل نموذجا مهما بجانب كرة القدم بالنظر الى شعبية الكثير منها خصوصا منها الرياضات الدفاعية الفردية ظلت حبيسة العشوائية وظبابية الرؤية وغياب النفس الديمقراطي داخل هياكلها ألتسيرية مما نتج عنه تحولها الى هيئات تقتات على جزء هام من المالية العمومية المتمثلة في تخصيص منح سنوية من ألقطاع ألوصي على ألرياضة وأعتمادها على جزء مهم اخر من رسوم الانخراطات وتنظيم أنشطة ذات طبيعة هاوية يغيب عنها أي بعد استراتيجي يستهدف التحضير الحقيقي للاؤلمبياد المقبلة .
جامعات رياضية لعدد من الرياضات الفردية يتربع على رئاستها رؤساء خالدون ضدا على القانون لفترات تجاوزت الولايتين بل هناك من هاؤلاء الرؤساء الذي تجاوز الخمس والعشرون سنة على رأس جامعة رياضية دون تحقيق أي نتيجة رياضية عالمية أو ألمبية .
هذا الواقع في ظل ما أصبحت تمثله الرياضة ككل كمجال مساهم في إنتاج الثروة الوطنية وتقوية الشعور بألانتماء الوطني لم يعد مستساغا اليوم أن تظل الرياضة بين واقعين متناقظين تتجاذبها سرعتين مختلفتين .
ولم يعد مقبولا أن يختبئ ألكثير من حملة مشاريع الفشل المتربعون على رأس الكثير من الجامعات الرياضية وراء إنجازات صنف رياضة كرة القدم على أعتبار أن الكثير من المشرعين مثلا او جزء من ألمسؤولين يعتقدون أن توهج صنف كرة القدم هو شكل من أشكال النجاح العام بينما الواقع أنه يخص جزء بل صنف رياضي واحد هو كرة القدم .
محمد الداودي