ترأس جلالة الملك محمد السادس، مجلسًا وزاريًا بالقصر الملكي بالرباط، اليوم الأربعاء 4 دجنبر، خُصص لمناقشة ملفات محورية تتعلق بالاستعداد لتنظيم كأس العالم 2030، المصادقة على اتفاقيات دولية، وإصلاح قطاع الطاقة.
هذا المجلس الوزاري، حمل دلالات استثنائية تؤكد الإشراف المباشر للملك على الملفات الاستراتيجية، وهو مؤشر على أهمية هذه القضايا في تحقيق الرؤية الملكية الطموحة للتنمية الشاملة.
كما يبرز المجلس الوزاري الأخير كإطار شامل لرسم معالم المستقبل المغربي على المستويين الداخلي والخارجي. فمن خلال الاستعداد لكأس العالم 2030، وتوقيع اتفاقيات دولية طموحة، وإصلاح قطاع الطاقة، يرسل المغرب رسالة واضحة: أنه ماضٍ بثقة نحو تحقيق التنمية المستدامة وترسيخ مكانته كقوة إقليمية ذات امتداد عالمي.
وفي هذا الصدد، وبعد أن أطلع السيد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ورئيس لجنة كأس العالم 2030، (بعد أن أطلع) جلالة الملك عن تقدم استعدادات المملكة لتنظيم هذا الحدث الرياضي الدولي، أبرز السيد الوزير أنه سيتم، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، إحداث لجنة بتركيبة موسعة تضم على الخصوص، ممثلي المجتمع المدني والمغاربة المقيمين بالخارج وكفاءات إفريقية.
وسيتم أيضا الرفع من مستوى التعبئة بتنسيق مع كل الأطراف المعنية، لتسريع تنزيل جميع الأوراش الاستراتيجية والمهيكلة المتعلقة بتنظيم هذه التظاهرة الدولية لاسيما منها :
- تأهيل الملاعب ؛
- توسعة وتجديد المطارات بالمدن الستة المستضيفة ؛
- تقوية البنيات التحتية الطرقية وتكثيف شبكاتها داخل المدن ؛
- إطلاق برنامج مندمج للتأهيل الترابي يمتد خارج المدن المستضيفة لمباريات كأس العالم ؛
- تطوير البنية التحتية الفندقية والتجارية ؛
- تقوية وتحديث العرض الصحي ؛
- تطوير وتحديث شبكات الاتصال ؛
- إطلاق برنامج موسع للتكوين من أجل تقوية كفاءات الشباب.
وفي ختام كلمته، أكد السيد الوزير أن كأس العالم 2030 لن تكون مجرد منافسة رياضية فحسب، بل تشكل كذلك فرصة فريدة من أجل تقوية دينامية نمو الاقتصاد الوطني خلال السنوات القادمة، وخلق المزيد من فرص الشغل، وتعزيز الجاذبية السياحية للبلاد، والترويج للقيم الكونية للسلام والوحدة والتنمية المستدامة.
دلالات التحضير لكأس العالم 2030:
- تعزيز الهوية الوطنية والدور الإفريقي:
تضمين ممثلين من المغاربة المقيمين بالخارج وكفاءات إفريقية في لجنة التنظيم يعكس الروح التضامنية المغربية والدور القيادي للمغرب في القارة الإفريقية.
- التركيز على التنمية المستدامة:
المشاريع التي تشمل البنية التحتية، العرض الصحي، والفندقي تسعى لتطوير المدن المغربية ليس فقط لتلبية متطلبات البطولة، بل لتكون إرثًا مستدامًا يستفيد منه المواطن المغربي.
3. الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية:
تنظيم البطولة سيخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وسيساهم في تعزيز السياحة، مما يجعلها قاطرة للنمو الاقتصادي. كما أن تسريع مشاريع البنية التحتية يعد استثمارًا طويل الأمد يعزز تنافسية المدن المغربية.
وعلى صعيد آخر، شهد المجلس الوزاري المصادقة على ست اتفاقيات دولية تشمل مجالات متعددة مثل رخص السياقة، التعاون الجنائي، والتكنولوجيا الرقمية. هذه الاتفاقيات ليست مجرد وثائق قانونية، بل تمثل خطوات مدروسة لتعزيز موقع المغرب كشريك دولي موثوق.
وطبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وباقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، تفضل جلالة الملك، أعزه الله، بتعيين السيد زهير شرفي رئيسا للهيئة الوطنية لضبط الكهرباء.
وجاء تعيين رئيس جديد للهيئة الوطنية لضبط الكهرباء مرفوقًا بتوجيهات ملكية لتحويل الهيئة إلى مؤسسة متعددة الاختصاصات تشمل مجالات الغاز الطبيعي والهيدروجين. هذا القرار يعكس إدراك المغرب للتحولات العالمية في مجال الطاقة.
وقد أصدر جلالة الملك توجيهاته السامية قصد الانكباب على إجراء إصلاح عميق لهذه الهيئة، وتحويلها إلى هيئة وطنية لضبط قطاع الطاقة، عبر مراجعة القانون المتعلق بها، وتوسيع اختصاصاتها لتشمل كل مكونات قطاع الطاقة، لتشمل فضلا عن الكهرباء، الغاز الطبيعي والطاقات الجديدة، على غرار الهيدروجين ومشتقاته، وكذا مجالات الإنتاج والتخزين والنقل والتوزيع، وذلك بما يساير مستوى النضج الذي بلغه قطاع الطاقة ببلادنا، وطبقا للممارسات الدولية الفضلى في هذا المجال”.
البُعد الاستراتيجي لإصلاح قطاع الطاقة:
- تحقيق الأمن الطاقي:
الإصلاح يعزز من قدرات المغرب على التكيف مع التحديات العالمية وضمان أمنه الطاقي.
- الريادة في الطاقات المتجددة:
تعزيز دور الهيئة في الطاقات الجديدة والهيدروجين يدعم التوجه المغربي لتصدير الطاقة النظيفة لدول أوروبية.
ويعدّ هذا المجلس الوزاري محطة خاصة، ليس فقط من أجل صياغة قرارات استراتيجية، ولكنه نموذج لحكامة حديثة وفعالة قادرة على مواجهة تحديات العصر وتحقيق طموحات وطنية بحجم المغرب. بذلك، تتأكد رؤية المملكة تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس بأنها ليست مجرد لاعب إقليمي، بل شريك عالمي يسهم في صياغة مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة.