برنامج الاستثمار الأخضر للمجمع الشريف للفوسفاط له أبعاد بيئية واقتصادية واجتماعية

الصحراء 24 : العيــــون

أكد أمين لاغيدي، الخبير الدولي في الدبلوماسية الاقتصادية واستراتيجيات التنمية ونائب رئيس المؤتمر الإفريقي للمناجم والطاقة، أن المحاور البيئية والاقتصادية والاجتماعية تشكل الأسس الثلاث للبرنامج الاستثماري الأخضر الجديد للمجمع الشريف للفوسفاط، الذي جرت مراسيم تقديمه يوم السبت الماضي برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وأوضح السيد لاغيدي، في تصريح للصحافة، أن هذه المحاور الثلاث تفضي إلى الاستدامة التي لم تعد فحسب العلامة المميزة لمجموعة OCP، بل تجاوزتها لتصبح آلية ملموسة لخلق القيمة على المستوى الداخلي، وتحقيق التميز الاستراتيجي في الخارج.

ففي المحور البيئي والإيكولوجي، تطرق الخبير الدولي إلى الحياد الكربوني وإعادة تدوير وتحلية المياه والطاقات المتجددة، مشيرا إلى أن هذه الرافعة الأخيرة تمثل ركيزة استطاع المغرب إحداثها، بفضل الرؤية الملكية السامية، من خلال تحويل مجموعة من التهديدات إلى فرص للتنمية، وذلك عن طريق الحد بشكل كبير من الاعتماد على واردات الطاقات الأحفورية عبر تطوير السيادة الوطنية من الكهرباء الخضراء.

وأبرز أن المغرب يعد من أكثر البلدان جاذبية من حيث الاستثمارات الأجنبية المباشرة والوطنية، خاصة في أقاليمنا الجنوبية، من الداخلة إلى كلميم، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق ب”خبرة وإنتاجية وتكنولوجيا وابتكار واقتصاد للنفقات واستدامة وبحث وتطوير يشرفنا جميعا كمغاربة”.

وفي الشق الاقتصادي، أشار السيد لاغيدي إلى أن الهدف يكمن في خلق المزيد من فرص العمل والثروة على نحو متكامل، وبالتالي تعزيز قدرة المجمع الشريف للفوسفاط على إنتاج المزيد من الأسمدة ورفع حصصه داخل السوق الدولي، وهو ما سيرفع بدوره رقم معاملات مجموعة OCP وسيحسن النفقات استنادا على وفورات الحجم والكفاءة والتحسين المستمر لعمليات التصنيع، إلى جانب الابتكار تحت علامة “صنع في المغرب”، إذ سيساهم كل ما سبق في خلق المزيد من فرص العمل ذات القيمة المضافة العالية في مجالات التدبير والهندسة.

وأضاف أن الأمر يتعلق أيضا بمسألة المواكبة، باعتبارها قاطرة اقتصادية، من خلال دعم مجموعة من المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة الوطنية المغربية والإفريقية والدولية حيث تتواجد المجموعة، مما يسمح بخلق اقتصاد شامل مندمج داخليا ومتكامل خارجيا. كما يتعلق الأمر بالاستثمار الترابي حول جميع مواقع المجمع الشريف للفوسفاط وخارج التراب الوطني وفي كافة الدول التي يستثمر فيها المجمع بطريقة مستدامة ومسؤولة.

أما بالنسبة للمحور البشري والاجتماعي، أوضح السيد لاغيدي أن هذا المحور يتعلق أساسا بالبحث والتطوير داخل المجموعة وفي جامعتها (جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية)، إلى جانب نقل المعارف والمهارات المتعلقة بالهندسة والمعالجة، مما يجعلها أكثر تنافسية، ومن خلال مقاربة مبتكرة موجهة للفلاحين بهدف مواكبتهم طيلة الدورة الزراعية، من رسم خرائط الأراضي والاستشارة، مرورا بإرساء فلاحة عصرية ومسؤولة ذات إنتاجية عالية، وصولا إلى تحسين استخدام الأسمدة، وكذا مواكبتهم لولوج الأسواق الاستهلاكية.

وبذلك، تتموقع مجموعة OCP كركيزة رئيسية للأمن الغذائي على الصعيدين الإفريقي والعالمي، فضلا عن خلق المزيد من القيمة داخليا وخارجيا بشكل يقدم حلولا شاملة مصممة خصيصا لزبنائها، وليس فقط المنتجات العادية. وتابع الخبير قائلا: “إنه النموذج التنموي الجديد ممثلا داخل مجموعة OCP. وهو نموذج يتيح ثلاثة محركات، وهي الاقتصاد المتكامل الذي ينمي المجال الترابي، والبيئة التي نعد روادا في مجال حمايتها، وأخيرا الاستثمار في العنصر البشري الذي يعتبر الركيزة الأساس للنموذج التنموي الجديد”.

وعلاوة على ذلك، أشار الخبير الدولي إلى أن المجمع الشريف للفوسفاط يهدف، استنادا إلى البرنامج الجديد، إلى تطوير إنتاج الكهرباء وتأمين إمداداته كليا من الكهرباء الخضراء من خلال الاعتماد بشكل أساسي على الطاقة الشمسية والطاقة الريحية. ولن تساهم هذه الكهرباء الخضراء في تلبية احتياجات المجمع الشريف للفوسفاط فقط، وإنما ستساهم أيضا في تزويد شبكات الكهرباء على الصعيد الوطني وحول مواقعه المتواجدة على الصعيد الدولي. كما ستساهم هذه الطاقة المتجددة في إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي، والذي يعد قابلا للتحويل إلى الأمونياك الأخضر، الذي يعتبر المغرب المستورد الرئيسي له في العالم، إذ يمثل العنصر الرئيسي ضمن مدخلات صناعة الأسمدة بعد الفوسفاط. كما سيتم، قبل ذلك، إنتاج الكبريت محليا، مما سيعزز الإنتاج المحلي القائم حاليا على الغاز الطبيعي.

وأضاف الخبير “إننا نساهم من خلال الاستخدام الرشيد لمواردنا المنجمية المتوفرة لفائدة الأجيال الحالية والمستقبلية، في استغلال أفضل للأراضي والأسمدة والفوسفاط وفي تحقيق الأمن الغذائي العالمي على نحو عام وملموس”.

وخلص إلى أن “هذا الانتقال من منطق تصدير الصخور ذات القيمة المضافة المنخفضة قبل عقود قليلة فقط إلى منطق خلق القيمة المضافة العالية قد تكلل بالنجاح بفضل التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وبفضل الثقة وتمكين المهارات الوطنية والتدبير المغربي، إلى جانب البحث والتطوير اللذين قام بهما المغاربة لفائدة الشعب المغربي والعالم، مما سمح بتحويل نقاط الضعف إلى نقاط قوة، والتهديدات إلى فرص وقاطرات للتنمية”.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد