afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

دونــــالـــــد تـــرامـــب: رئــيــسا مــنــتــخــبــا للــولايــات المــتــحــدة الأمـــريــكيــة

الصحراء 24 :  بقلم/ صـــالــــح الــبــشـــرة 

تتبعنا جميعا الانتخابات الأمريكية التي اشتعلت نارها منذ 18 شهرا، وزاد وطيسها التهابا في الأسابيع الأخيرة قبل أن يحسم فيها ليلة البارحة في وقت متأخر من الليل عندما تم الحسم فيها لصالح المرشح: دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، وخسارة المرشحة هيلاري كلنتون التي كانت تتوقع أن تصير أول امرأة رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية.

نزل خبر نجاح دونالد ترامب على الجميع كالصاعقة بعد فرز الأصوات. إن نجاحه في الانتخابات سيغير، لا محالة، الخارطة السياسية المحلية والخارطة السياسية الدولية على السواء. قبل الدخول في التحليلات والتوقعات المستقبلية، من هو دونالد ترامب؟

يعد ترامب من مواليد نيويورك سنة 1946 حيث كان الإبن الرابع لأكبر المنعشين العقاريين الأمريكيين. عرف عن دونالد ترامب كونه كان تلميذا مشاغبا في طفولته، مما حدا بوالده إلى دفعه للتكوين العسكري وبعدها الانتساب إلى إحدى أشهر الجامعات المتخصصة في إدارة الأعمال بولاية بنسلفانيا.

يستثمر دونالد ترامب أمواله في العقار، المنتجعات السياسية، المنشات الترفيهية إلى جانب استثماراته في مجال القمار والكازينوهات. ترشح ترامب للانتخابات الرئاسية سنة 2000، ولكنه لم يحصد أصواتا كثيرة. تأثر كغيره بالأزمة المالية التي عصفت بالولايات المتحدة الأمريكية. وتقدر ثروته ب 4 مليارات دولار مما يجعله، حسب مجلة فوريس، من بين الشخصيات 400 الأكثر ثراء في الولايات المتحدة الأمريكية.

أثناء حملته الانتخابية، تعهد دونالد ترامب بجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، وباستردادها لمكانتها الريادية مرة أخرى. كما انه تعهد بإعطاء الأولوية للأمريكيين على حساب المهاجرين الذين هاجمهم أكثر من مرة في خطاباته متهما إياهم بتمييع المجتمع الأمريكي وبأخذهم لوظائف الأمريكيين. كما أنه تعهد بوقف تدفق المسلمين نحو أمريكا، وببناء سور بين أمريكا والمكسيك لإيقاف تدفق المهاجرين الغير شرعيين. كما أن دونالد ترامب هاجم أيضا النساء ووصفهم في العديد من الحالات بالدونية.

يقول دونالد ترامب أنه لا يؤمن بالإسلام المعتدل، ولا يريد خوص حروب بالوكالة، وأنه على كل من يريد أن يساعد أمريكا أن يدفع المقابل وخصوصا الدول الخليجية التي اتخذ منها موقفا عدائيا واضحا، وهاجمها كذا مرة.

 يعارض ترامب الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، ويصفه بالغير مجدي، حيث أنه تعهد بإلغائه والعمل على عدم تطبيقه حالما يتسلم دفة الرئاسة.

ويعتبر ترامب من اكبر المهاجمين لتنظيم داعش، ومن الداعين لشن الحرب عليه. وقد صرح كذا مرة “أنه إذا كان له أن يختار” بين معاداة نظام بشار الأسد بسوريا أو تنظيم دولة الخلافة الإسلامية، فسيختار مهاجمة الأخيرة، فنظرية ترامب تقوم على أساس ترك الطرفين يتقاتلان فيما بينهما حتى يستنزفا بعضهما البعض. فهو يرى بأن محاربة كل طرف على حدة غبر مجدية خصوصا في حالة سوريا حيث أنها متحالفة مع إيران، وبالتالي هامش الخسارة سيكون ثقيلا ومهولا. هو دائما يفكر من منطق التاجر ومن منطق الربح والخسارة. وهذا واضح جدا في إيمانه بأن فرص حظر للطيران فوق سوريا سيكون بمثابة إعلان للحرب مع روسيا.

وبالمناسبة فهو ما فتئ يجامل ويشكر الرئيس الروسي، ويقول بأنه من المعجبين به وبشخصيته الريادية، كما أن الرئيس الروسي يجامله بدوره وكان يتمنى له النجاح.هذه النقطة جعلت بعض أنصار هيلاري كلنتون يهاجمونه ويصفونه بالعميل الروسي.

من ناحية أخرى، تعهد ترامب في حملته الانتخابية بتوفير 25 مليون فرصة عمل جديدة في غضون 10 سنوات. يرى دونالد ترامب أن معاهدة (نافتا NAFTA) أضرت كثيرا بالبضاعة الأمريكية، بالاقتصاد الأمريكي وبالعمال الأمريكيين. كما أنه تعهد بأن يراجع معاهدات التجارة الحرة الموقعة بين أمريكا والدول الأخرى بحيث أن تستطيع إلحاق الأضرار بالاقتصاد الأمريكي. دونالد ترامب من أشد المناهضين لقانون الرعاية الصحية المسمى: “OBAMA CARE”، ومن المحتمل أنه سيعمد على إلغاءه وإطلاق المنافسة بين شركات التأمين على غرار كندا وبعض الدول الأوروبية التي تتوفر على نظام صحي أكثر فعالية وأقل تكاليف، مما يصب في مصلحة المواطن الأمريكي الذي يئن تحت وطأة تكاليف التطبيب الباهظة الثمن والتي لا يستطيع العديد من توفير ثمنها أو حتى المداومة على دفع تكاليفها.

  • لماذا نجح دونالد ترامب مخالفا كل التوقعات:

يجمع المحللون على ما يسمونه “ظاهرة ترامب” بأنها تجربة جديدة على المجتمع الأمريكي، ويعززون نجاحه إلى العديد من العوامل:

  • اعتماده على مواقع التواصل الاجتماعي، الإعلام والتلفزيون الواقعي: فهو استثمر الأموال الطائلة في هذا المجال وعيا منه بان يصل إلى عقول وقلوب الملايين من الأمريكيين.
    لقد بنا شهرة واسعة وجني الكثير من التأييد والإعجاب من خلال تسويقه لخطاباته التي مست العديد من المواضيع الحيوية والمهمة لدى الناخب الأمريكي المستهلك للإعلام المحلي، وخصوصا لدى ساكنة المدن الصغيرة والولايات المهمشة. لقد استطاع عن طريق الإعلام أن يغزو المناطق النائية وأن يبني لنفسه صورة إيجابية لدى الكثير من الأمريكية من خلال خطاباته الغير مسبوقة ومن خلال أفكاره المتطرفة التي لاقت الاستحسان لدى الملايين من الناخبين. استطاع فعل ذلك كله عن طريق الإعلام واختيار الصورة المناسبة له ونوعية الخطاب الذي يحب الكثيرون سماعه، مما لاقى استحسانهم.
  • دغدغته لأحاسيس ومشاعر ذوي العرق الأبيض الذين صاروا يحسون بالغبن والتهميش بعد أن صار النسيج الاجتماعي في تغيير غير مسبوق بعد التدفق المتتالي للمهاجرين من كافة العرقيات. كما أن الحثالة البيضاء (WHITE TRASH) وأصحاب الأرياف (hillbillies) تم استقطابهم بعد أن تحدث عن ما يدور في خوالجهم، ولعب على عقليتهم البسيطة بالحديث عن همومهم وانشغالاتهم وتفكيرهم السطحي.
    كما أن ترامب استقطب القوة العاملة البيضاء التي تأثرت كثيرا بالأزمة الاقتصادية التي عصفت بأمريكا في العقد الأخير. جل هؤلاء يقطنون بالولايات التي تشتهر بالصناعات على غرار: ميشيغان و ويسكنكون. ولقد استطاع بذلك اقتحام معاقل الديمقراطيين وربح تلك الولايات على شاكلة: بنسلفانيا. كما أنه ربح بعض الولايات المتأرجحة الرأي (SWING STATES)، وهذا ينطبق على: فلوريدا ونورث كارولينا.
  • استعماله لتقنيات التلفزيون الواقع من أجل التحصن ضد فضائحه وزلات لسانه. فمثلا نراه تارة يشاكس ويعارك مقدمة برنامج في تلفزيون “فوكس نيوز”: وتارة نجده يشتم جون جون ماكاين، بطل الحرب السابق. مرة أخرى، نجده في المناظرات المتلفزة يتحدث بعفوية وبدون تحضير بغض النظر عن سطحية تفكيره السياسي. ولكن بالرغم من كل هذا فهو قد استطاع التغلب على كل هذه الصعاب كما لو أنه محصن ضد كل هذا. هذه الخاصية جعلت العديد من الناخبين يلتفتون إليه، ويلتفتون من حوله.
  • نجاحه في التغلب على خصومه سواء من حزب الديمقراطيين أو الجمهوريين. فهو نراه قد هزم منافسيه في الجولات الأولى ورد البعض منهم خائبين راجعين بخفي حنين.
    فمن داخل حزبه، نجده قدم هزم: ماركو روبيو، تيد كروز وبين كارسون. في حين استطاع تقزيم جيب بوس (حاكم فلوريدا) وجون كايس (حاكم أوهايو).
    وبالتالي فلقد كان ناجحا في إخلاء الطريق أمامه والتمهيد لحرب شاملة والتفرغ لها ضد منافسته وعزيمته: هيلاري كلنتون.
  • عامل الويكيلكس وتدخل FBI على الخط بشأن الرسائل المسربة، حيث أن هذا العنصر كان فعالا وحاسما في الأيام الأخيرة من الحملة في إضعاف موقف هيلاري والتشكيك في مصداقيتها ونزاهتها كما أنه كان يشكك أيضا في صحتها وسلامتها الجسدية. ولقد استغل ترامب تسريبات البريد الالكتروني ودخول FBU على الخط، ليورط هيلاري في الأمر برمته ويجعل الناخبين الأمريكيين يعاودون التفكير في أهليتها. كما أنه كان عنيفا معها حيث أنه هددها بالمقاضاة والسجن في حالة انتخابه رئيسا مقبلا للولايات المتحدة الأمريكية. كما أنه جعل هذه الحادثة تلعب لصالحه أياما معدودة قبل توجه الناخب الأمريكي لصناديق الاقتراع، الشيء الذي عذل الكفة لصالحه.
  • كان لجاهزية وثقته المفرطة في نفسه عاملا مؤثرا في صموده ونجاحه. حيث لجا إلى أساليب غير اعتيادية في حملاته الانتخابية، وبالتالي برهن انه كان يعرف أكثر من الخبراء. فمثلا أنفق الأموال الكثيرة على القبعات عوض إنفاقها على اللافتات. وسافر إلى ولايات تعد من معاقل وقلاع الديمقراطيين كولاية ويسكنسون وميشيغان. اعتمد أيضا على نهج تنظيم الرالي عوض طرق الأبواب في إطار سياسة جلب الأصوات لصالحه.
    كل هذه العوامل والظروف تكون قد ساهمت في نجاحه وصعود نجمه ليصير الرئيس 45 للولايات المتحدة الأمريكية.

المثير في الأمر أن هذه الانتخابات عرفت إقبالا جماهيريا كبيرا للتصويت في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن أمريكا انقسمت ما بين المؤيد والرافض لمرشح ما.

وقد أرخى هذا الأمر على بظلاله على الرأي المحلي العام، فانقسمت أمريكا إلى نصفين نتيجة لذلك بالرغم من فوز ترامب وحسمه لسباق الانتخابات الرئاسية. نجد أن العديد من المثقفين الأمريكيين لا يرون أن ترامب مؤهل للرئاسة، وبالتالي الحديث عن السقوط في الهاوية وبداية اندحار الولايات المتحدة الأمريكية. هذا الأمر يجعل البعض يفكرون بالهجرة خارج الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أن بعض الولايات المؤيدة للديمقراطيين على شاكلة كاليفورنيا عرفت احتجاجات واسعة وأعمال شغب مطالبة بالانفصال على غرار (Rrexit) بتسمية حركتهم (GALEXIT).

إنه من المبكر جدا الحكم على أداء دونالد ترامب كرئيس وما سيفعله، لأن هناك استراتيجيات بعيدة المدى تبنى عليها سياسة الدولة. كما أن الأمر يتعلق أيضا بالمحيط البيضاوي من مستشارين وأعضاء الديوان الرئاسي بالإضافة إلى نوعية طاقم الإدارة من وزراء وكتاب عامين ورؤساء مكاتب.

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد