afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

قراءة في الخطاب السياسي : خطاب المسيرة 2014 نموذجا

الصحراء 24 :  الدكتور الكيرع المهدي

الخطاب السياسي هو شكل من أشكال الخطاب، وهو خطاب الساسة من ذوي السلطة،يعتمد على الإشارة إلى الزمان والمكان والمكانة والعلاقة والسياق، وهو بذلك يعتبر خطابا اقناعيا بامتياز، يهدف إلى حمل المخاطب على القبول والتسليم بصدقية الدعوى عبر وسائل منها اللغة والمنطق والمكونات التعبيرية الأخرى الموازية كالصورة ولغة الجسد… بغية إضفاء الشرعية على المخاطب ، وتجريد الآخرين منها، ( الخصوم، الأعداء،المنافسين،، الحساد…).
لتحقيق هذه الغاية يعمد المخاطب السياسي الى:
– إسباغ السلطة من خلال استلهام الموروث والتقاليد والعادات والقوانين والاستشهاد بأصحاب النفوذ والتأثير الثقافي أو الفكري أو السياسي.
– إصدار الأحكام الأخلاقية ( استعمال الثنائيات:الخير والشر، الفضيلة والرذيلة، الصواب والخطأ، الحلال والحرام، العلم والجهل.).

– إضفاء العقلانية على مقولة أو قضية أو موقف…وذلك من خلال الاستدلال بالأرقام والإحصائيات والتسلسل المنطقي والاستشهاد برائ المختصين من ذوي الخبرة والحكمة والمعرفة.
وعموما فالخطاب السياسي يتصف بالخصائص التالية:
– أن بنيته النظرية على درجة كبيرة من التماسك .
– أن لغته أمرة في طبيعتها وتميل أساسا الى التذكير بالايجابيات.
– اعتماده على البلاغة لأهميتها الثقافية ، وعلى قدر واف من التفكير الاستعاري، فللاستعارة وظيفة مهمة في صياغة التصورات وتجسيد المفاهيم والأطروحات السياسية.
– الخطاب السياسي يتميز كذلك بالطول وبتكرار الكلمات والجمل ، وسيطرة أسلوب الإطناب، وغلبة الخبر على الإنشاء ويتميز كذلك بالوثوقية …
– اعتماده كذلك على إثارة المشاعر الإنسانية (حب الوطن، الغيرة على الدين…).

وفي قراءة متأنية للخطاب الملكي بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثون من حدث المسيرة الخضراء، نجده يتميز بهذه الخصائص السالف ذكرها،مما يجعل منه خطابا سياسيا بامتياز ، من خلال إثارة قضية الصحراء والتي يعتبرها المغرب حكومة وشعبا قضية وجود وليست قضية حدود، فالمصطلحات السياسية المستعملة في الخطاب الملكي تتسم بأهمية خاصة ، لأنها تعكس موقف من أعلى سلطة رسمية وهي المؤسسة الملكية صاحبة المبادرة- القرار في ملف الصحراء، والمصطلحات الواردة فيه تكون منحوتة بعناية فائقة، لذا ينبغي التوقف عند التعابير الواردة في الخطاب وإفراد مساحة خاصة لمناقشتها،
وتنقسم هذه المصطلحات إلى شقين عند الاستعمال، شق داخلي وأخر خارجي، فالداخلي من قبيل:(الجهوية،الجهوية المتقدمة، الاستثمارات في الصحراء، مؤشرات التنمية في الصحراء ، استفادة ساكنة المنطقة من ثرواتها ، نمط التدبير في المنطقة ، اقتصاد الريع ، الامتيازات المجانية ، إنصاف أبناء الصحراء، الأغلبية الصامتة، تفعيل الجهوية، تفعيل النموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية ، إجراء قطيعة مع نمط التدبير السابق، تمكين أبناء المنطقة من المشاركة في تدبير شؤونهم المحلية ، الالتزام بتوفير شروط العيش الكريم للمواطنين، الحرص على ضمان الأمن العام ، سلامة المواطنين، دولة الحق والقانون…).
أما الشق الخارجي فنجد 🙁 المغرب يتوفر على آليات ومؤسسات خاصة لمعالجة القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان، المغرب هو البلد الذي يتعاون مع الآليات الخاصة لمجلس الأمن،المغرب يرفض تبخيس مبادراته، المغرب يرفض تضخيم الأحداث التي تقع بالأقاليم الجنوبية، مبادرة الحكم الذاتي هي أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب في إطار التفاوض لإيجاد حل نهائي ،تحديد المفاهيم والمسؤوليات في التعامل مع الأمم المتحدة، رفض المغرب للمغالطات والانزلاقات، لا لمحاولة تغيير طبيعة هذا النزاع الجهوي وتقديمه على أساس انه مسالة تصفية الاستعمار، المغرب في الصحراء لم يكن أبدا قوة محتلة أو سلطة إدارية..، لا لأي محاولة لمراجعة مبادئ ومعايير التفاوض ولا لأي محاولة لإعادة النظر قي مهام المينورسو أو توسيعها، المغرب مستعد للتعاون مع كل الأطراف للبحث عن حل يحترم سيادته،المطالبة بموقف واضح من هذا النزاع، لا مجال للمقارنة بين مشكل الصحراء ومشكلة تيمور أو بعض النزاعات الترابية فلكل قضية خصوصيتها، إننا نتطلع بكل أمل وتفاؤل لجمع الشمل بين أبناء الصحراء في وطنهم، توفير العيش الحر الكريم لكافة المواطنين…).
هذه التعابير تعكس الحمولة السياسية للخطاب الملكي ، والمتضمنة لرسائل ضمنية ومباشرة للمعنيين بقضية الصحراء، كما تعكس أيضا حجم الضغوط الدولية على المغرب وبصعوبة الوضع في الصحراء، وهذا تأكيد لما جاء في خطاب 11 اكتوبر 2013 عند افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية التاسعة عندما قال “إن الوضع صعب ، والامور لم تحسم بعد ، ومناورات خصوم وحدتنا الترابية لم تتوقف، مما قد يضع قضيتنا أمام تطورات حاسمة “،وهذا الخطاب الموجه إلى ممثلي الأمة المغربية، أكده أيضا خطاب المسيرة2014 ،عندما دعاالشعب إلى التعبئة القوية والمستمرة والتحرك الفعال على الصعيدين الداخلي والخارجي للتصدي لأعداء الوطن أينما كانوا وللأساليب الغير شرعية التي ينتهجونها( الورقة الخضراء)، ” فتدبير قضية الصحراء لا يتم عبر تقارير تقنية مخدومة او توصيات غامضة”، فقضية الصحراء حسب الخطاب الملكي ، هي قضية وجود وليست قضية حدود وبالتالي فهي ليست مسؤولية ملك البلاد فقط وإنما هي أيضا قضية الجميع، مؤسسات الدولة والبرلمان والمجالس المنتخبة ، وكافة الفعاليات السياسية والنقابية والاقتصادية وهيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وجميع المواطنين، ويتوقف الخطاب بعد ذلك لتقييم حقبة أربعين سنة من نهج المقاربة الأمنية والتي وصفها بأنها عرفت بعض الاختلالات، وأنها فتحت المجال لاستفحال اقتصاد الريع والامتيازات المجانية ودعا الملك بعبارات صارمة وحازمة بضرورة الكف عن سياسة الريع والامتيازات وعن الاسترزاق بالوطن.
إن هاجس خلق نخبة موالية أكثر من نخبة وحدوية مقتنعة بهذا الخيار، قد قاد إلى فجوة بينها وبين الجماهير التي لا ترى فيها سوى امتدادا للمركز في محيطها الجغرافي مستفيدة من اقتصاد الريع ومن نمط المكافآت اللذين خلقا وضعا طبقيا ضدا على فكرة التضامن المشكلة للحمة البنية القبلية.
فالقيادات القبلية التقليدية ترفض اليوم المساس بامتيازاتها، وقد فكر المغرب باسم مجلسة الاقتصادي والاجتماعي تغيير النمط التنموي في الصحراء، وهو ما يعني أن الجيل الذي قاد من سنة1975 الى اليوم 2014 هو مهدد بالانقراض السياسي.

وخطاب المسيرة يبدوا حاسما في مسالة إجرائه لقطيعة مع نمط التدبير السابق، فتدبير الإدارة المغربية للتحول في الصحراء من نمط تنموي إلى أخر يبقى رهانا لتحولات في إدارة الصحراويين لشؤونهم بطريقة حداثية ، معاصرة ومحكومة بالمعايير الدولية للتدبير والحكامة، قبل المطالبةبمعايير دولية لشكل الحكم الذاتي، والذي أشار الخطاب الملكي بأنه أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب في إطار التفاوض.
يروم الحكم الذاتي إذن إلى استبعاد خيار “الاستقلال”،بتأسيس آليات للتعايش بين أطراف حكمت علاقتها معطيات النزاع والصراع، وهو بالتالي يبقي على إمكانية الحل الوطني القائم على اتفاق بين المركز المحلي وتحييد مرجعية القانون الدولي.

إن عدم الحفاظ على البنيات القائمة المشكلة للإطار الاجتماعي والاقتصادي وأيضا السياسي لم يؤدي الى إحداث إطارات جديدة قادرة على التعبير عن الروح ذاتها وان بنفس حداثي، حيث تم استبعاد تشكيل الاحزاب السياسية القادرة على التعبير عن مشاريع وأطروحات سياسية .
فالنخبة المحلية هي تلك النخبة الطبيعية ذات الشرعية الاجتماعية والحاملة لمشروع يؤمن بإمكانية بناء امة جديدة بعد اكثر من 16 سنة من الصراع المسلح.

ان الوعي بأهمية وجود مثل هذه النخبة ودورها في إدارة الصراع قد غاب عن التفكير، بل أن الدولة المغربية قد أحدثت تغييرات جوهرية في بنية المجتمع الصحراوي، ليس عبر توسيع المجال الحضري( توسيع مدينة العيون شرقا وتأسيس مدن 25 مارس ومدينة الوحدة…)ولكن عبر محاولة تهديم التراتبية القبلية وخلق نخبة بديلة للنخبة الطبيعية عبر مسلسلات الانتخابات الجماعية والبرلمانية وعبر التوظيف في المناصب السامية المدنية والعسكرية .
ومن اجل إرجاع الأمور إلى نصابها، ومن اجل إنصاف كل أبناء الصحراء، توجه الخطاب الملكي الأخير بصفة خاصة إلى الأغلبية الصامتة، داعيا إياها إلى المشاركة في تدبير شؤونها المحلية، حين تفعيل الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية في سنة 2015، سنة الحسم كما أكد على ذلك قرار مجلس الأمن 2152 الاخير .
إذن، فالصحراويون( الأغلبية الصامتة) ينتظرون تخلي المغرب عن عائلات نافذة في الخارطة الانتخابية من اجل توسيع دائرة المستفيدين، فطموح المغرب هو تحويل الرأي القريب من جبهة البوليساريو لكي يكون زخما له في مبادرته للحكم الذاتي، لذا نجده عاقد العزم على تغيير نمط التدبير، من خلال الإشارة إليه من أعلى سلطة في الدولة،فالمغرب قرر الذهاب بعيدا في التخلي عن العائلات التي راهن عليها في الاستفتاء، وأعلن الملك من خلال خطاب المسيرة عن نموذج جديد قبليpré autonome لحكم ذاتي بالإقليم، غير ان القيادات المصنوعة ما بعد 1975 تريد حماية امتيازاتها التي حصلت عليها وأسست على ضوئها شبكات مصالح ونفوذ في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في الصحراء، ويذهبون إلى ان المساس بالوضع الحالي من شانه أن يعيق السلم الاجتماعي بالإقليم، وهو المبرر الذي لاحظناه في عدم تعاطي هذه القيادات بايجابية مع توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، وهو ما تدحضه الوقائع، حيث يتجه جيل صحراوي لصنع مجتمع مدني، جيل لا يطمح في عائلة او قبيلة،هذا الجيل ظهر قويا في اكديم ازيك 2010، وبعدها في تظاهرات للدفاع عن ما يعتبرونه حقوق اقتصادية واجتماعية…
فالشباب الصحراوي( غالبية سكان الصحراء) يحاولون تمييز أنفسهم عن غيرهم في الجامعات وفي مناطق أخرى للقول أن رؤيتهم تخالف كليا من سبقهم، وهي تتراوح بين الحكم الذاتي بمعاير دولية وبين الاستقلال.
وتطمح الإدارة المغربية إلى إبعاد الصحراويين عن فكر الاستقلال وفكر التطرف المحتمل لتنظيم القاعدة ، في حال تجميد المفاوضات بين المغرب والجبهة، وهو ما زكاه خطاب المسيرة 2014،عندما قال بان الملك مستعد للتفاوض بشكل مباشر أو بواسطة الأمم المتحدة مع أي كان للبحث عن حل يحفظ ما وجه الجميع، ويساهم في ترسيخ الأمن والاستقرار بالمنطقة .
فالعالم يعرف اليوم تحولات نحو الحوار، حوار أمريكي- إيراني( محادثات جنيف نوفمبر2014 )، حوار النظام السوري والمعارضة ( جنيف2 )، المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية )، ولن يكون مشكل الصحراء بعيدا عن هذه الأجواء التي تصنع سياسة دولية جديدة بعد التوافق الروسي- الأمريكي.
فالمبعوث الاممي كريستوفر روس ومجلس الأمن يرون أن فرصة الحل ستكون عبر المفاوضات ولا شيء غيرها، وبناء حل من خلال الدبلوماسية المكوكية لن يكون فرنسيا فقط، بل روسيا –أمريكيا أيضا ، ووضع هيكل للحكم الذاتي الموسع هو المطلوب مغربيا، لان إجابة المغرب حول الاستفتاء حاسمة ( أقصى ما يمكن تقديمه هو الحكم الذاتي )،وجبهة التحرير قبلت مخطط جيمس بيكر1495 الذي يجعل من الحكم الذاتي جزء من الحل وليس كل الحل، فيما سيكون الرفض المطلق للاستفتاء تحديا كبيرا للساسة بالمغرب .

وتدعم فرنسا مقترح الحكم الذاتي واصفة إياه بالأساس الجدي ذي المصداقية ، للتوصل إلى حل تفاوضي لقضية الصحراء ، تحت رعاية الأمم المتحدة ووفقا لقرارات مجلس الأمن، وتدعم جهود المبعوث الاممي كريستوفر روس وتتمسك فرنسا بدخول المغرب بشكل ملموس في العمل على تطبيق مبادرته للحكم الذاتي بتنسيق مع المينورسو، تحت قيادة الكندية “كيم بولدوتش”، والأمم المتحدة،من خلال مقاربة تقودها أمريكا، فهدف هذه الأخيرة هو الوصول إلى حلول واقعية على الأرض ، فواشنطن أدارت ضغوطا ناعمة على الرباط، بدأت بدفاعها عن كريستوفر روس ، بمجرد سحب المغرب لثقته من المبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة ، مرورا باقتراح توصية توسيع مهام البعثة الأممية في الصحراء لمراقبة حقوق الإنسان، وصولا إلى صياغة قرار مجلس الأمن 2152 الأخير ابريل2014.
ويبقى الدور الفرنسي هو تامين الأوضاع لما بعد تفعيل الحكم الذاتي، والرئيس الفرنسي “هولند” يبقى هو المؤهل والقادر على تحويل الحكم الذاتي إلى مبادرة صادقة وجدية ، ولن تكون جدية دون معايير دولية لهذه المبادرة، ولن تكون صادقة دون تنزيلها على ارض الواقع .
وقبل تنزيل المبادرة، يرغب المغرب في صناعة مجتمع صحراوي اخر،يكون بديلا لمجتمع الريع
( القلة الذين ليس لديهم مكان، واللذين لن يؤثروا على تشبث الصحراويون بوطنهم- من خطاب المسيرة 2014 )، مجتمع صحراوي يؤمن بالتحديث ومسايرة خطط الملك، التي تذهب إلى نموذج صحراوي يدعم حكما ذاتيا بمواصفات متقدمة، وفي هذا الاتجاه تعمل الأمم المتحدة على المزيد من الضغوط لتحقيق الحل المنشود والذي لا يمكن الوصول إليه إلا بمساعدة ونموذج جديد يقوده الملك، فالأمم المتحدة هي تدافع عن معنى أخر للتفاوض للوصول إلى أهداف حقيقية للساكنة تبدأ من كرامتهم وتحسين مستواهم الاقتصادي.

إن طبيعة هذا الحل تستوجب توفير بنيات استقبالية قادرة على الانتصار إليه بدءا وتدعيمه انتهاءا، والحال ان الفضاءات المحيطة بطرح مقترح الحكم الذاتي لا تقود إلى هذه النتيجة حيث غياب نخبة عملية حاملة لمشروع وحدوي، واستمرار ظاهرة الانتفاضات المنطلقة من خلفيات سياسية أكثر منها اقتصادية واجتماعية.
فالنموذج البديل تنقصه الرؤية الواضحة للواقع الفعلي لازمة المجتمع الصحراوي ، وبالتالي يصعب صياغة الحلول بما يراعي الاستقرار السياسي ويحترم المواطن ويصون كرامته وإمكانية العيش الكريم له، فلا يمكن تشكيل مرحلة جديدة دون أفكار قوية ، بديلة وغير مسبوقة في التنفيذ أو التنظير، والى الآن لا يمكن الجزم بوجود مصداقية للسلطات المغربية، فهناك نقط ضعف كثيرة في سياسة الدولة المغربية اتجاه ساكنة الصحراء، فعلى المستوى الدولي يقترن اسم المغرب حقوقيا بصورة سلبية بحكم التقارير الدولية وتوصيات منظمات مثل الأمم المتحدة والجماعات الحقوقية الدولية التي تعتبر مرجعا في هذا الشأن .ففرنسا على سبيل المثال أصبحت تتحرج من قضية الصحراء ، خاصة ضد التوصيات التي تتعلق بحقوق الإنسان ، فباريس قررت التخلي رفقة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن طوعيا عن حقها في استخدام حق النقضveto))الذي ورثته منذ عام 1945 ، حين معالجة ما سماه ” فابيوس” في محاضرة له بمعهد العلوم السياسية ب” الجرائم الجماعية “.
ثاني هذه النقط، تواصل مظاهر السلطوية والتحكم والشطط والحياد عن أصول الحكامة.
ثالثا، السماح بانتشار أشكال متعددة من الريع، وانعدام سياسة شمولية ومنهجية لمحاربة الفساد واجتثاث أسسه.

وأخيرا، ضعف الأداء الدبلوماسي، والتوسل في الترافع إلى خطاب تقليدي متجاوز ، واستعمال وسائل لا نظامية في الاستقطاب ( تسريبات كريس كالفن الأخيرة )، واعتبار ولاء شيوخ القبائل كافيا ، وإخضاع الانتخابات لترتيبات من أعلى ( انتخابات 1993 ).
فالنموذج البديل يجب أن يراعي فيه أن التعامل سيكون مع جيل ولد بعد 1975، جيل لا يهتم بتقليب صفحات التاريخ ولا بالتنقيب عن شهادات وروايات الأجداد، ولا يمكن أن نقنعهم بالمشروع إذا كانت علاقتنا بهم لا تحكمها الثقة ، ومعنى ذلك أن على الدولة أن تبني علاقة جديدة بهم تجعلهم ينصتون إليها بإمعان ويحاولون فهم مغزى البدائل التي تقترحها عليهم ، ولا يعتبرون ما تقدمه الدولة اليوم مجرد وعود ومناورة وامتداد لخطابات الماضي ( الجهوية، الكوركاس، التنمية …).
فالتقدم الى طي صفحة مخيم اكديم ازيك، بإطلاق سراح المعتقلين الصحراويين،وتعديل الدستور( دسترة الحكم الذاتي المقترح على الصحراويين) هما أمران جديان في وصول المسار الى أهدافه .
ففي ظل التطورات الأممية المسارعة بالإقليم لم يعد هناك بد من تعديل الدستور كي يتأكد العالم والصحراويون بجدية ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي وهي خطوة نعتبرها ضرورية لإبعاد بعض الضغوط عن المغرب .
ونخلص إلى أن الحكم الذاتي كفكرة تتأسس على وجود ممثلين ومعبرين عن مصالح معينة، ويتوافرون على شرعية التمثيل، وهو وضع لا يتوافر لا للنخبة الموجودة حاليا ، ولا للبيروقراطية المشرفة على هذا الملف، كما ان اللجوء الى الدعامات الحزبية لن يقود الى حل الإشكال التمثيلي في مواجهة جبهة تحرير منسجمة ومتمرسة وتعرف كيفية إدارة المفاوضات ، خصوص وأنها مسلحة بمرجعية قانونية هي حق الشعوب في تقرير مصيرها .

الدكتور الكيرع المهدي / باحث في علم السياسة والقانون الدستوري

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد