afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

همسات من أمريكا “الحلم الأمريكي بعيون صحراوية”

الصحراء 24 : ذ/ صالح البشرة- الولايات المتحدة الأمريكية

من منا لم يتساءل يوما ما هو معنى أن تحلم؟ ومن منا لم تجتاحه الرغبة إلى الهجرة تحقيق الذات في بلاد العام سام؟ ومن منا لم يحلم بالذهاب والاستقرار بالولايات المتحدة الأمريكية  -بلاد ديزني وردلد واستوديوهات يونيقرسال – ؟. بطبيعة الحال، العديد من سيجيب بالإيجاب على هذه التساؤلات، كما أن العديد سيبدي رغبته بالاستقرار حيث هو، وتحقيق الذات في مجتمعه الأصلي بين أقرانه ووسط أهله ومحيطه الطبيعي.

أبت الأقدار إلى أن أكون من بين الذين حالفهم الحظ في الهجرة إلى بلاد العم سام في نهاية التسعينات بعد أن درست لغتها وحضارتها بالجامعة، لم تكن الهجرة بالنسبة لي غاية بقدر ما كانت وسيلة لتحقيق العديد من الأهداف. لا زلت أتذكر نظرات الغبطة في عيون بعض الأصدقاء والزملاء آنذاك عندما حصلت تأشيرة الهجرة، كما لا زلت أتذكر لحظات الفرح والسعادة التي اجتاحتني عندما تأبطت جواز سفري والتأشيرة وأنا ألتفت يمنة ويسرة خوفا من جور الدهر وغدر الزمان.

كنت أقول لنفسي: ” وأخيرا واتتك الفرصة للتغيير وإثبات الذات “. كان أساتذتي في الجامعة يتحدثون عن الحلم الأمريكي وعن خصائص المجتمع الأمريكي والحياة فيه.

صرت شغوفا بالتعرف عن قرب على تلك النظريات والمفاهيم الأمريكية التي درستها ولم أعاينها عن قرب. وأخيرا ساندني الحظ وسأحقق الحلم الأمريكي.

قبل الشروع في سرد التفاصيل، دعوني أحدثكم عن الحلم الأمريكي وماهيته، فالمعرفة بالشيء تزيدك قوة !

حسب اعتقادي الشخصي، فلكل واحد منا رؤيته وتصوره لمفهوم “الحلم الأمريكي”، ودلالاته تختلف من شخص لأخر. الكل يراه من زاوية معينة تختلف حسب الشخص والظروف والمحيط. رغم تعاقب السنين وتغير الأوقات، إلا أن “الحلم الأمريكي” لا يزال يطبع الثقافة الأمريكية وراسخا في الأذهان لا على مستوى العقلية المحلية أو الانطباع العام. خلال حديثي مع مجموعة من الأمريكيين، الكل يعتقد بأن مفهوم “الحلم الأمريكي” مرتبط أساسا بالاعتقاد السائد أن أمريكا هي بلد الفرص والخيرات الوفيرة نظرا لكثرة المعادن والثروات الطبيعية إضافة إلى تنوع النسيج المجتمعي في الولايات المتحدة الأمريكية. حسب استطلاعات الرأي الدولية، فأمريكا هي بامتياز بلد المستهلكين والمنتجين، ولا يضاهيها أي مجتمع أخر من هذه الناحية، لتصير بذلك متربعة على عرش أكبر الاقتصادات العالمية.

ينص الدستور الأمريكي، من بين أشياء أخرى، على أن لكل مواطن الحق في المساواة والحرية، وبالتالي فديمقراطية هذا البلد توفر كافة الحقوق لمواطنيها والقاطنين فيها. كل هذا ينعكس على سلوكيات السكان وعلى توجهاتهم سواء السياسية، الاقتصادية أو حتى الثقافية. فالتعددية هي ميزة تتميز بها الولايات المتحدة الأمريكية دونا عن باقي المجتمعات الأخرى. هذا المناخ هو بالتالي من أهم ركائز وجود مفهوم “الحلم الأمريكي” الذي يتطلب ظروفا معينة وأرضية مؤاتية لكل ينمو ويترعرع بدون قيود تحد من تحقيقه في إطار الحقوق التي ينص عليها الدستور الأمريكي. إنه……..، حسب المنصوص عليه، من حق المواطنين الأمريكيين أن يكونوا من يريدون، وأن يتمتعوا في السعي للسعادة والعيش بكرامة وبحرية.

حسب تجربتي الشخصية، فقط في أمريكا، يمكنك البدء من نقطة الصفر لتصير “عملاقا” وفقط في أمريكا يمكنك ان تحقق معظم أحلامك الدنيوية: سيارة جديدة، أخر الابتكارات في مجال التكنولوجيا، منزل فخم وبجانبه مسبح صغير وحديقة للعب الأطفال…الخ.

ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يجده . بالمقابل، البعض منا لا يستطيع التأقلم مع البيئة والسلوكيات المجتمعية، والبعض يقع ضحية العنف السائد في الشوارع لتنتهي حياته بمأساوية، والبعض يصير عبدا للنظام الحياتي السائد ويلهث خلف الدولار. ولكن كل هذا جزء من ذاك ولا شيء يأتي بالمجان. هناك، دائما المقابل

إلا أن أمريكا تبقى متنفسا للمحرومين والمضطهدين ولعشاق المتع وتحقيق الذات، بكل ما تقدمه من حقوق وفرص ومجالات للدراسة والتطور. يبقى الدستور الأمريكي هو الضامن “للحلم الأمريكي” والأساس الذي تنبعث منه الروح التي تغذي هذا الحلم ولتبيان بعض الحقائق للسادة القراء، دعوني أتحدث قليلا عن بعض الحالات ف هذا الإطار:

حالة توماس جيفرسون: لقد نادى توماس في إطار وثيقة الاستقلال بضرورة المساواة بين ملاك الأرض البيض. فحلمه كان أن يتم التحرر من الهيمنة البريطانية. وأن يتم تطبيق المساواة والعدل على حد السواء. هذا الحلم كان يخصه هو وأقرانه في نفس وسطه ووضعيته، ذو سحنة بيضاء ويمتلكون الأراضي. كان هؤلاء هم قادة الثورة، وكانوا يريدون التمتع بمنافعها. فتوماس تحدث عن الهنود الحمر ووصفهم “بالهنود المتوحشين وبدون رحمة”.

وبالتالي، لم يتحدث عنهم بكونهم أمداد له ولأصحابه،و وسواسيه لهم. وتحدث في الوثيقة الشهيرة عن تمثيلية هو وأقرانه للشعب الأمريكي بدون أن تضم هذه التمثيلية النساء أو السود. توماس جيفرسون صاغ حلمه الأمريكي على مقاسه.

– حالة مارتن لوثر كينغ: كان حلمه الحرية للجميع، ولكن أكد أكثر على الأفارقة الأمريكيين، فتحدث في معظم خطاباته الشهيرة عن الزنوج الأمريكيين، ولم يتحدث علانية عن حقوق الهنود الحمراء أو الأسيويين أو اللاتينيين. فحلم مارتن كان متمحورا حول الأفارقة الأمريكيين وحقوقهم، ذلك ما كان هو يريده لأهله ولكل من هم من أبناء جلدته. فهو قد ركز على هؤلاء دون غيرهم، وبالتالي فهو لا يختلف بتاتا عن توماس جيفرسون في هذا السياق.
– حالة الكاتب الروائي سكوت فيتجرالد: كان غنيا ورغم ذلك نادى بإصلاح هذه الطبقة وانتقدها كثيرا في كتاباته، فحلمه كلم يتعدى الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها والتي نبذته إلى درجة أنه لم يأت أحد لخبازته.

فهو كان يريد التغيير ولكن ذلك التغيير كان محصورا فقط ضمن مكونه الاجتماعي الذي ينتمي إليه

ختاما، يبقى الحلم الأمريكي “ماركة مسجلة” بالولايات المتحدة الأمريكية، كل واحد له الحق في الحلم والتطلع إلى تحقيق ذلك الحلم الذي يكفله الدستور الأمريكي، حتى ولو كان من الصعب تحقيقه على أرص الواقع، إن هذا الحلم هو ما يضمن للناس الاستمرارية في الحياة والبقاء.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد