afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

المجتمع والمثقف…أية علاقة؟

الصحراء 24 : بقلم احمد بابا عبيد الله

إذا ما حاولنا إماطة اللثام عن مفهومين لصيقين ببعضهما البعض، وسبر أغوار العلاقة المتشابكة،والمتداخلة فيما بينها في نفس الحين ،سنجد بأنهما يتلازمان في “الزمكان” ويختلفان في شرح،وفهم أبعاد كل منهما .
فبالرغم من كثرة الدراسات، والبحوث المتعلقة بهذين المفهومين، إلا أنها لم تلتقي عند مفهوم ثابت يحددهما ،بل كانت هناك إختلافات و تناقضات، بين الباحثين والدارسين في هذا المجال.
لذالك ،وفي هذا الموضوع بالذات، سوف نحاول تقريب المفاهيم المتباينة،وشرحها ،وكذا تحديد معالم العلاقة التي يمكن أن تكون قائمة بينهما،بغيةالإفادة والإستفادة.
خاصة، وأننا نعيش في زمن أضحى فيه “المثقف”و”المجتمع” عنصرين لابد من إتحادهما ،وتطابقهما  لتغيير أي واقع  و السير به للأمام .
 وعليه سنقوم بوضع إشكالات وفرضيات وجعلها الخطوط العريضة التي من خلالها سنبني الموضوع:
    _المثقف،من يكون؟
    _ماهو المجتمع؟
    _أي علاقة يمكن أن تقوم بين كل من المفهومين ؟وهل يمكن لها ان تساهم في بلورة الأفكار والمد بالحلول؟
-المثقف بنية فكرية وتاريخية قد تتغير توجهاته مع تغير الواقع دون أن تتغير مبادئه.
 -يمكن أن يصبح المثقف مسييرا للمجتمع تحت طائلة تغييره وجعله أفضل.

إن المطلع والملم بمفهوم “المثقف”، يجد أن جل التعريفات غير واضحة المعالم أو سهلة الفهم ،خصوصا وأن الموضوع هو حقل متغيير ،وملئ بالأفكار المتناقضة والمدركات التي ترتبط مباشرة بشخص “المثقف”، والمواضيع المتناولة.
لاسيما،وأن تناول هكذا طرح
ومعالجته،لابد أن يأخذ أبعادا، وتشعبات متعددة،ويتجلى ذالك ،في تحديد مفهوم المثقف وأصنافه .
فماذا نعني إذا بالمثقف ؟ومن نقصد؟.
المثقف هنا، هو فرد،يتميز عن الآخرين بقابليته على التفكير ،و إدراك التحديات التي تواجه محيطه،وكذا إمتلاكه لنظرة ثاقبة وواسعة تدرس الحاضر و المستقبل ،وإمكانية تناوله لمواقف وقضايا حساسة و حاسمة.
فالانسان المثقف، لاطالما كان شخصا “حشريا” يفرض نفسه و وجوده في بيئته، وهو بهذا غير محتاج إلى تحديد نفسه، لأنه يعلن عن نفسه عبر ممارسته العلمية و الأكاديمية ،وإن كانت هذه الممارسات تختلف من مثقف لأخر ، بسب تغير العصر و الحياة بصفة عامة.
من جهة أخرى،تبقى مرتكزات اي مثقف؛ هي رغبته وإصراره على كشف الحقيقة،  وكذا الشجاعة في النقد ،والتحليل البناء إلى أبعد الحدود ،والغرض من ذلك، هو المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف سدا منيعا أمام بناء أي أمة.
لذلك، نلحظ أن المثقف هو عنصر أساسي في أي حضارة تسعى إلى  التقدم و الازدهار.
وهو ما يجعلنا نتسآل عن علاقة المثقف بالمجتمع ،فهذا المفهوم الأخير يمكن حصر تعريف :ب”مجموعة من الأفراد و الجماعات تعيش في موقع جغرافي واحد تربط بينهما علاقات اجتماعية ،ثقافية ،دينية…”.ولن تتبين علاقة مع المثقف أكثر  إلا مع تحديد محركات الواقع .فإذا نظرنا،وقمنا بشرح متطلبات الواقع و مرتكزاته،سنرى بأن الواقع مرتبط بالمعرفة والإدراك،على أساس أن المفهومين السالفي الذكر”المثقف،الواقع”  هما مرتبطين بالعقل و الوعي.فالفكر المبدع والمحصن والمنتج ،لا ينمو إلا في الوسط المجتمعي الطبيعي الملائم، الذي تتوافر فيه حرية التعبير، وينعتق من الكبت ،والقمع بمختلف انواعه.
فالواقع هنا، يختلف باختلاف آلية اداركه، ومستوى ذلك الإدراك  لمعرفته،وبحسب هذه الآليات و الادراكات التي تحدد عناصر الواقع ،سوف تتعدد إذا أشكال و حالات الواقع:واقع اجتماعي،واقع سياسي،واقع إنساني…..
من هذا الشرح لارتباطات الواقع،يتضح أن الواقع يتحرك و يتفاعل ،بتحركات ومعارف و مدركات المثقف ،وهي بذالك علاقة تفاعل وانسجام.
لذلك ،يبقى المثقف هو الذي يخلق واقعه ،بمعنى آخر تبعية الواقع للمثقف،وليس العكس..
من هذا المنطلق ،يتضح أن الواقع هو همزة الوصل التي يجب أن تقوم بين المثقف و المجتمع ،لذلك ،نجزم أن عدم وجود مثقف واعي و مدرك لكل حيثيات مجتمعه،وأيضا ،بدون تلاحم المجتمع مع مثقفيه وإعطائهم القيمة التي يستحقون،لا يمكن ،أن يكون لدينا مجتمع واعي و قادر على التقدم ،و تجاوز كل الصعاب ،ليبقى  المثقف حلقة فارغة تدور في فلك المجتمع و الواقع دون أية نتيجة.

في الختام،نخلص إلى أن “المثقف” و”المجتمع”، هوما مفهومان متلاصقان عبر كل الازمنة سواء في الماضي ، الحاضر ،وحتى  المستقبل ،وهو ما يمكن أن نخلق به بيئة سليمة في كل النواحي ،ونعالج كل القضايا العالقة ،و الإشكالات المستعصية.
فهل يمكن أن  نستفيد من ذالك التفاعل الإيجابي الذي يمكن أن يحصل بين “المثقف والمجتمع”،إذا تحققت الشروط و الروابط؟.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد